أين الخلل فينا يا معشر المسلمين؟
يا إخوتي في الدين، كونوا معيْ في الوصول إلى الهدف والمأرب. وغايتيْ كيف نكون مفلحين في الدارين. لابد أن نحاسب نفوسنا قبل كل شيء وإلا نحاسب عند الله يوم المحشر والحشد.
لاشك، يختبر الطالب في كل مطلع شهر ليعرفَ ما يحفظه من الدروس مما ألقيتْ عليه طوال الشهر الماضي. ويفحص التاجر الحساب يوميا ماذا ربح وماذا خسر في التجارة. والراعيْ يعد شياهه في الذهاب والإياب بخوف ضياعها في الغابة. والمسافر يلتفت وراءً فينة بعد فينة كيْ يستعجل إلى الغاية سريعا. إذن، لنتفكر عن الحياة أنها كيف تكون موافقة بشرائع الإسلام قبل أن نقوم أمام الله.
أليس هذا صحيح؟ أننا ندعيْ أن الإسلام ديننا، وأنه بيَّن الحلال مما أحل الله والحرام مما حرم الله، و هو يرافق المسلم دائما، ويرتب له خطة ناجحة لحياته ويهديه إلى الصراط المستقيم، وأننا نفتخر به على أديان أخرىْ، ونعتز بأنه دين كامل كما قال الله بلسان نبينا الهاديْ المرسل في حجة الوداع: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] ونتلقىْ الخطب الرائعة من مختلفيْ الشخصيات في أساليب مختلفة، لكن هدفهم واحد _ الدعوة إلى الإسلام_ إضافة إلى هذا أن لنا جلسات مؤنسة للقرآن والأحاديث النبوية الشريفة ، والشغف فيها موروث ومستورد كابرا عن كابر، ماهيَ ثمرتها في حياتنا وفي مجتمعنا.
لابد أننا نتفكر أنها فيْ حياتنا مثل عادة كعادات أخرى، وموضة في حياتنا كموضة في العرف التجاريِّ نمسكها كما تمسكنا بعادات الغربيين الذين هم سود النفوس والشر، لقد استطار شرهم في العالم كشعلة النار المستطيرة في الهشيم اليابس.
أظن أنكم تقولون: أ نمضي الحياة كما أمضى سلفنا في الزمن، ونركب الحمار والحصان والجمل بدلا عن السيارة، ونلبس الملابس الثخينة بدلا عن الرقيقة واللينة، ونشعل السراج بدلا عن الكهرباء، ونمكث في الفسطاط بدلا عن القصر والبيت المبلط بالآجر، كلا، لا أقول ذلك قطعا . بل أريد أننا ننظر إلى حياتنا هل تقرب من حياة السلف سواء أو في البيت أو في السوق أو في العمل.
ومن الجدير بالذكر أن مساجدنا تكون ممتلئة بالمصلين في الصلوات الخمس وقد تمتد الصفوف إلى الشوارع في الجمعة وفي العيدين، بحيث لا يحصى العدد ولا يخمن حتما. أوَ ليس فيهم عالم وشرطي ومحامي ومهندس وسارق وزاني من كل صنف من الناس؟! بل فيهم. إنهم يحضرون ويعبدون ويتحلقون كما يتحلق الآكلون حول جفان الرز الموشاة بالصنوبر واللوز مغطاة باللحم الشهيِّ ويقومون ملتمظي شفتيهم أخيرا. إن العالم يعلم ولا يعمل، والشرطي يهتم بأموره لكنه يرتشي، رغم أنه سمع عن عاقبته مفصلا.
لا غرو، لكل داء دواء يستطب به ولكل غاية طريق يصل المار به إليها، كذلك علينا أن نطبق الإسلام على جسدنا وأعمالنا في كل حين وآن. و نعض على العمل بالنواجذ. وقديما قال الحكماء:
مثل الذي يعلم الخير ولا يعمل به كمثل أعمى بيده سراج يستضيء به غيره وهو لا يراه.