مولانا منظور أحمد جنيوتي رحمه الله وجهوده ضد القاديانية
هو العالم النحرير والخطيب المصقَّع والكاتب الرشيق والقائد السياسي البارز والمفكر الإسلامي، أحد كبار العلماء المشهورين في باكستان، اسمه مولانا منظور أحمد جنيوتي بن أحمد بخش بن قادر بخش، ولد في مدينة جنيوت في أسرة تسمى ب «راجفوت» في 31 دسمبر في سنة 1931م، بشّر الله والده ببشارة في منامه قبل ولادته بأنه رأى نورا منتشرا أمامه، ونوَّر ذلك النور كل من حوله، فسأل إمام مسجده تعبير ذلك الرؤيا، فبشَّره بأنه سيرزقه الله بولد يخدم الدين وينوِّر العالم بعلمه، ويستفيد الخلق من علمه، فلم تمض فترة زمنية طويلة إلا وبرز الشيخ بعلمه وأفاد العالَم بنور علمه.
أول من أسلم من آباء الشيخ منظور أحمد جنيوتي وأجداده؛ هو «رائي كُل محمد»، وذلك في القرن السابع من الهجرة، التحق بكُتَّاب الشيخ الحافظ كُلزار أحمد -رحمه الله- لتعلم قراءة القرآن بالنظر، وكان عمره أربع سنوات في ذلك الوقت، ثم التحق بعد ختم القرآن في المدرسة الإسلامية العالية في جنيوت ودرس فيها إلى الصف السادس الابتدائي، ثم شارك بعد ذلك بمساعدة والده في الأمور الخاصة به، ثم التحق بعد ذلك في مدرسة «آفتاب العلوم» في عام 1940م وذلك بعد محاولات شديدة وإقناعه المتواصل له ولوالده من قِبل مولانا دوست محمد الساقي -رحمه الله- أحد خريجي دار العلوم ديوبند، فاستفاد هناك من جبال العلم في زمانهم؛ كأمثال مولاناحبیب الله سیالکوتي، ومولانا محمد أسلم حیات كُجراتی، ومولانا غلام محمد جوجرانواله، ومولانا دوست محمد ساقی، كلهم كانوا خريجي جامعة دار العلوم ديوبند.
ثم انقطع عن الدراسة في أيام استقلال باكستان وذلك لبيئة غير مناسبة في تلك الأيام لوقوع الفساد بين المسلمين والهندوس، فبدأ الشيخ بالعمل في محل العطَّار، ثم تدخل مولانا دوست محمد الساقي -رحمه الله- مرَّة أخرى بتشجيعه، فأخذه بمعيته إلى المدرسة التي كان يدرس فيها وذلك في قرية «ساهمبل»، فأقام الشيخ هناك تقريبا خمس سنوات متتاليات.
وفي سنة 1951م، التحق بجامعة خير المدارس بملتان لإكمال دورة الحديث لكنه لم يكملها لأسباب، ثم سافر إلى مدينة «تندو آله يار» والتحق هناك بدار العلوم الإسلامي «تندو آله يار بسنده»، فاستفاد هناك من عباقرة علماء باكستان؛ أمثال مولانا عبدالرحمن کیمبل فُوری -رحمه الله-، ومولانا بدر العالم میرتهي -رحمه الله-، ومولانا سید یوسف بنوری -رحمه الله-، ومولانا إشفاق الرحمان کاندهلوي -رحمه الله-، فأقام هناك بعد إكمال دورة الحديث سنة كاملة أخرى للاستفادة من مولانا عبد الرشید نعمانی -رحمه الله-، في دراسة مقدمة ابن الصلاح، ومولانا بنوری -رحمه الله-، في الإنشاء العربي، ومولانا عبد الرحمان کيمبل فُوری في علم المیراث، درس علم التفسير من مولانا محمد عبد الله درخواستی -رحمه الله-، وعند شیخ القر آن مولانا غلام الله خان، وذهب للتبحّر في فن المناظرة إلى مكتب تنظيم أهل السنة والجماعة بمدينة ملتان، واستفاد من علوم مولانا دوست محمد قریشي -رحمه الله-، ومولانا سید نورالحسن شاه بخاري-رحمه الله-، ومولانا عبد الستارتونسوي -رحمه الله-، وتعلم فن وأدلة الرد في المناظرة على الروافض.
كان مولانا منظور أحمد جنيوتي ذا أدب واحترام لأساتذته لغاية الدرجة، بدأ الشيخ -رحمه الله- حياته العملية بعد التخرج من دراسته بالمناظرات ضد الجماعة القاديانية الزنديقة التي تجحد وتنكر ختم نبوة سيد المرسلين، وناظر كثيرا رئيسَ مبلغي القاديانيين في ضوء القرآن والسنة، فهزمه مرارا حتى كان يهاب اسم الشيخ -رحمه الله-، ويهرب في بعض الأحيان من ميدان المناظرة.
في فترة الخمسينات، كان ميرزا القادياني قد عمل دعاية ضد علماء أهل السنة والجماعة بأنه دعاهم للمباهلة ولكنهم لم يأتوا لها معه؛ فأرسل مولانا جنیيوتي -رحمه الله- دعوة المناظرة لمرزا محمود القادياني، وقبِل شروطه وعيَّن مكان المناظرة قرب نهر «شَناب» في إقليم بنجاب، ولكنه لم يستطع مواجهة مولانا منظور أحمد جنيوتي -رحمه الله- فبعد وفاة مرزا محمود القادياني أرسل الشيخ دعوة المناظرة لمرزا ناصر، ومرزا طاهر ومرزا مسرور مرارا ولكنهم لم يستجيوا لها، كان يعقد الشيخ جنيوتي -رحمه الله- مؤتمرا سنويا باسم فتح المباهلة وكان يرسل الدعاوي لزعماء القاديانيين، كان مولانا الجنيوتي -رحمه الله- يحب مراقبة وردَّ القاديانية لدرجة الجنون؛ فلذلك كان يعقد كل سنة من 10 شعبان إلى 25 شعبان دوراتٍ تدريبية لتدريب فن المناظرة للمحاميين والمحاظرين وطلبة المدارس الدينية المشهورة في باكستان كالجامعة الإسلامية بنوري تاؤن، ومكتب أهل السنة والجماعة بملتان، والجامعة الأشرفية بلاهور وكذلك طلبة الجامعات الحكومية، وفي 1991م عندما ازدادت أنشطة القاديانية في الهند؛ سافر إلى الهند على دعوة من رئيس دار العلوم ديوبند فدرَّب علماء الهند في فن المناظرة والمباهلة، وكذلك درَّب الشيخ طلبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وكان من ضمنهم يحيى أبو بكر الغامبي الذي ترقى إلى منصب رئيس وزراء غامبيا الذي أعلن كفر القاديانيين في دستور البلد، لقَّبه الصحافي والأديب المشهور آغا شورش كاشميري -رحمه الله- ب«سفير ختم النبوة» لجهوده المباركة.
حصل الشيخ -رحمه الله- على فتوى من أئمة الحرمين ومن مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ بن باز -رحمه الله- على إيماء أستاذه مولانا يوسف البنوري -رحمه الله- ضد الفتوى التي صدرت من شيخ جامعة الأزهر الشيخ محمد شلتوت؛ وكانت الفتوى عن وفاة سيدنا عيسى عليه السلام، وكان القاديانيون يشهرون بهذه الفتوى ضد المسلمين، فحصل الشيخ على هذه الفتوى وأمضى عليها علماء باكستان والهند وبنغلا ديش تواقيعهم، أثبت الشيخ في تلك الفتوى الرفع والنزول لسيدنا عيسى عليه السلام، طبعت هذه الفتوى الآن باسم «فتاوى حيات المسيح عليه السلام».
ألف الشيخ كثيرا من المؤلفات، منها:
- «رد قادیانیت کے زریں اصول أي الأصول الذهبية في رد القاديانية».
- «القادیانی ومعتقداته، رسالة باللغة العربية حول معتقدات الجماعة القاديانية»، وترجمت الرسالة إلى اللغة الأردية أيضا، وسميت ب «قادیانی اور اس کے عقائد»، وترجمت إلى اللغة الإنجليزية كذلك، فسميت«Al Qadyani and His Faith».
- «انگریزی نبی أي النبي الإنجليزي » أثبت فيه أن مرزا غلام أحمد القادياني بذر الإنجليز الذي زرعه في أرض الهند لتدمير شعائر الإسلام،
- مناظرة نائيجيريا
- كلمة الشيخ في مؤتمر العلماء والمشايخ في عصر رئيس باكستان ضياء الحق
- «تصویر کے دو رُخ أي وجهين مختلفين للصورة، وترجمته إلى الإنجليزية المسماة The Double Dealer »
- «پندرہ روزہ کورس يتضمن على المقرَّر لدورة تدريب المناظرة، وتعريبه حصول الامانی فی الرد علیٰ تلبیس القادیانی إلى اللغة العربية»
- «الحقائق الأصلیة» رسالة فيها ردٌّ على رسالة القاديانيين المسماة ب«لمحة فكرية»
- «مباهلة کا چیلنج منظور ہے»
- «مناظرہ ناروے»
- «لو آپ اپنے دام میں صیاد آگیا»
- «ملت اسلامية کے خلاف قادیانی سازشیں»
- رسالة «الخسوف والکسوف؛ فيها رد على المقالة التي نشرتها الجريدة القاديانية "الفضل العالمية"»
أسس الشيخ في سنة 1970م المكتب المركزي للرد على القاديانية ومبلغيها للدعوة والإرشاد في مدينة جنيوت وفي واشنطن في أمريكا، كذلك أسَّس المجلس العالمي لختم النبوة في عام 1991م، وداوم على تدريب فن المناظرة لخمسة عشرة يوم كل سنة ومدتها أربعين سنة.
توفي هذا الجبل الشامخ العلمي في 27 يونيو عام 2004م، وكان لسانه رطبا بذكر الله أثناء وفاته، كانت جنازته في الجامعة الأشرفية بمدينة لاهور، صلى عليه الجنازة مولانا سيد نفيس حسين شاه -رحمه الله-، شارك فيها القراء والحفاظ والعلماء، وقد بلغ عدد المصلين عليه حوالي 100 ألف شخصا
دفن في مقبرة بير حافظ يعقوب قرب الجامعة العربية، خلَّف الشيخ بعده أربعة ذكور وأربع بنات من أولاده وهم؛ مولانا محمد الیاس، ومولانا محمد ادریس، ومولانا محمد ثناء الله، ومولانا محمد بدر العالم، وكلهم حفظة كتاب الله والعلماء.