بركة الإسلام
في المناطق الجبلية بمنغوليا ولد طفل لرئيس قبائلها، وقد اشتهر فيما بعد باسم جنكيز خان (1162-127)
وكان رجلاٌ شجاعاً وقيادياً فذاً، وقد وحّد تلك القبائل المتوحشة وكوّن منها جيشاً عظيماً كان يقال عنه إنه قُدر له أن يفتح العالم بأسره.
فخرج جنكيز خان أولاً ثم تبعه أولاده وأحفاده من بعده ضمن مخطط لغزو العالم، إن هؤلاء التتار أو المنغوليين قد ألحقوا دماراً شاملاً بمعظم المناطق الممتدة من أوربا الشرقية إلى بلاد الصين والهند، وقد دخلوا سنة (1220م) إلى تركيا فقتلوا المدنيين وهدموا المباني في مناطق شاسعة، وحطموا نظام الريّ، وألحقوا خراباً شاملاً ببغداد وغير ذلك كثير.
وقد امتدت أعمال التخريب التي قامت بها هذه القبائل المتوحشة إلى مناطق أوربا الشرقية حيث شنوا في سنة (1241-1242م ) حملات على بولندا، وقد ألحقت تلك الحملات المتتالية دماراً وخراباً بها.
إن تفاصيل قصة الخراب والدمار التتري طويلة، يمكن الرجوع إليها في كتب التاريخ . ونحن نودّ أن نشير هنا إلى السرّ الذي كان وراء إنقاذ العالم من بربرية هؤلاء التتار، إنها قوة الإسلام المسخّرة . ففي سنة (1258م) حين دخل التتار إلى العالم الإسلامي غازين بدأ الإسلام ينفذ إلى قلوبهم ويعمل على تسخيرها، فلم يمض نصف قرن من الزمان حتى نجت الأمة الإسلامية من ظلمهم ووحشيتهم ونجت معها سائر الأمم.
إن الإسلام يعطي لحياة الإنسان معنى، فهو ينبوع يتفجرّ منه النفع لكل إنسان، ويقدّم الاستجابة الصحيحة لما يطلبه الإنسان ويبحث عنه.
وُلد الدكتور روجيه غارودي بفرنسا سنة (1913م)، وهو ينتسب إلى أسرة مسيحية، وقد كان للأزمة الاقتصادية سنة (1933م) أثراً بالغاً في حياته، مما دفعه إلى الانضمام إلي سلك الحزب الشيوعي بفرنسا. غير أن عقليته الباحثة لم تجد طمأنينتها لا في المسيحية الرائجة ولا في الشيوعية، وحين درس الإسلام بعد ذلك لم يلبث أن اعتنقه وآمن به سنة (1982م).
وقد مُنح الدكتور غارودي سنة (1986م) جائزة خدمة الإسلام مناصفة من مؤسسة الملك فيصل، وقد أقيم حفل في الرياض بهذه المناسبة تحدث فيه غارودي عن تفاصيل قصة تحوّله إلى الإسلام، وقد نُشرت ترجمة عربية لخطابه الذي ألقاه باللغة الفرنسية على صفحات جريدة الرياض السعودية الصادرة بتاريخ 12مارس
1986م.
حين رفض عقل غارودي الشيوعية وتسلل الدين إلى قلبه، كانت بدايته مع المسيحية، ثم اتجه إلى دراسة الإسلام فلم يلبث أن اعتنقه بقناعة كاملة.
فهو قد عثر فيه على ما يطمئن به عقله ويملأ فراغه الروحي.
وفي معرض حديثه عن قصة تحوّله من الإلحاد إلى الإيمان قال غارودي: إنني فعلت ذلك حتى أعطي لحياتي معنى.
فالبحث عن معنى للحياة غريزة فطرية لدى الإنسان، وتوجد بالضرورة في كل إنسان من الولادة، فهو يجري هنا وهناك يبحث عن إجابة لنداء فطرته، غير أنه لا يجد الإجابة في الأشياء الأخرى، وإذا وجد، فلا تكون سوى إجابة ناقصة، لا يجد فيها سكينته ولا طمأنينته. إن الإجابة الصحيحة والكاملة لطلب الإنسان موجودة في الإسلام، ذلك الدين المحفوظ ليس غير، إنها الصفة المميّزة للإسلام وهي الضمان الكبير لإنجاح المهام الدعوية للإسلام.